الأحد، 6 سبتمبر 2009

وإنا علينا حساابهم....


أستغفر الله ربي العظيم .... لا حول ولا قوة إلا بالله
اللهم إهدينا ... وأرفع غضبك ومقتك عنا ...
هذه الكلمات جزء من بضع عبارات لفظت بها في سري وأنا أغض بصري عنها
زيها الذي ترتديه يحتاج كل من يقع نظره أو نظرها عليه بأن يغض بصره فوراً ...
كم من الشباب قد تفتن بتلك البنت وملابسها الفاضحة ....
وكيف تجرأت وأقدمت على إرتداء مثل ذلك الثوب الذي يفضح أكثر مما يستر
خاصة وأنها في نهار رمضان
رمضان ,,,يااااااااااااااااالله
أيعقل أن يقبل من تلك صيام
وأي صيام هذا ....
ونظرت إلي وحمدت الله على أن ملابسي تناسب ديني الذي نشأت عليه....
ولا يفتن ولا يفضح ...
ولم أستطع أن أمنع نفسي من نظرة تحمل مزيجاً من غضب منها وإزدراء وعطف عليها وشفقة...
كل ذلك كان في لحظة دخولي من باب الكلية وهي كانت بجانبي ولكنها اصطدمت بي حيث كانت على عجلة من أمرها ...
بعد لك النظرة ... تسائلت في نفسي ما هو لك الشيء الذي يمكن أن تكون عجلة إلى هذا الحد لأجله ....
فوجت نفسي وقد فتحت باباً لي للظن الآثم والسخرية ..... فاستغفرت ربي ... ودعوت لي ولها بالهداية...
ثم وقفت وسط ساحة الكلية أبحث عن أحدٍ منهم ....
فقد أتيت اليوم بعد أن علمت أن اليوم هو موعد تعبئة شنط رمضان
حيث الخير والثواب الكثيير
والإخوة الصالحين والأخوات الصالحات الذين يجتمعون دوماً على فعل الخيرات
وقد كنت أريد أن أصبح واحدة من هؤلاء الذين يجري حب الله وحب فعل الخير منهم مجرى الدم ...
ويبذلون مجهود رهيب ولا يبخلون بالمال ولا بالمجهود عن المحتاجين .... يحملون في قلوبهم معناً صادقاً وفيراً للإيمان
وقد إنكسرت عيناي حينما تذكرت تباطئي في المجيء وحديث نفسي إلي بأن أتكاسل عن هذا العمل وأخذت تختلق لي المبررات والحجج القوية .... حتى عقدتت العزم وتوكلت
هنا قد سمعت من تنادي ...
إنها واحدة ممن يعرفونني وواحدة من هذه المجموعة الخيرة من الشباب والبنات...
لا أعرف لماذا لحظة ما وقعت عيني عليها بزيها ووجها المنير وحجابها الوثير ضحكت وأحسست بالبرودة والنشوة ... وتذكرت تلك البنت التي اصطدمت بها لحظة دخولي .... وشعرت بمدى الفرق الرهيب..... فقلت في سري
"أهو كده .. أهو دي ربنا يتقبل منها صيام .... مش التانية ..... وربنا يهدي" ...
سلمت علي وأخذتني إلى مكان تجمعهم حيث نعمل سوياً
عملنا سوياً وتصببنا عرقاً وتعبنا جداً ونحن صائمين .. وأحسسنا بفرحة عمل الخير
وكان المكان كبير والبنات كثرة
حان موعد صلاة الظهر
وكنت متعبة للغاية ... فجلست أسرتيح ... غير قادرة على الصلاة حتى
وبدأ الكسل يدب بجسدي ونفسي...
إلا أن جاءت بنت تؤذن فينا للصلاااة ... وتضحك وتحمس البنات الأخريات ... وتقول .. "ياباغي الخير أقدم ...حي على الصلااة .. حي على الفلااااح" وهي مجهدة وتتصبب عرقاً مثلنا ....
فسخرت من نفسي .. وقمت وتوضأت ... وإلى الصلااة ذهبت
كانت تلك البنت هي إمامنا ... دخلت بي في عالم روحانيات بتلاوتها الرائعة وصوتها الدافئ الرخيم .... ودعائها المؤثر الطويل
أنستني الصلاة ما كان بي من إرهاق .. وكأنها أعادت شحن قواي ...
بعد أن سلمت من الصلاة ... صممت أن أذهب أشكرها على ما قامت به من إعادة للنشاط وتحميسنا ...وووو
ناديت عليها فوجدتها وقد خلعت إسدال الصلاة كي تكمل عملها معنا وتلاقت نظرة عينينا بعد أن عرفت من تكون؟؟؟؟؟؟؟
إنها تلك البنت التي إصطدمت بها حين دخولي الكلية!!!!!!!!!
تسمرت مكاني ... وتحجرت الكلمات على شفتي وهي تضحك وتبتسم لي وتسألني بود عمّا كان هناك أي مساعدة أريدها منها ..؟
تلجلجت في الكلام .... ثم قلت لها ... لا ,, لا شيء ... أريد فقد أقول لكي .. تقبل الله ...
فضحكت وقالت لي ... يقبل الله مني ومنك ومن سائر المسلمين يااااارب ... إن شاء الله هيتقبل طالما إحنا ظانين به الخير .. "وأنا عند ظن عبدي بي ... فليظن بي ما يشاااء..."
وضحكت ثانية ... وربتت على كتفي وقالت لي .. "مش ياللا بينا بقى ... أحسن صاحب الشغل يرفدنا .. وساعتها مش هنلاقي حد برحمته أبداً ولا هنلاقي باب نلجئله تاني .... ياللا عشان الخير بينادي .... وإللي يلحق بقى " واستمرت في الضحك وهي تأخذ بيدي إلى مكان تجمعنا ....
وعملنا سوياً أنا وهي ... وذابت بيننا كل الفروق إلا أن أنهينا عملنا بإذن الله..........
"هذه ليست دعوة للتبرج ..... ولكنها دعوة للتدبر..... "
تمت..........

السبت، 5 سبتمبر 2009

خط فاصل في حياتي


أحتاج إلى هدنة
أحتاج إلى كلمة
أحتاج إلى الطريق
أحتاج إلى حب ذاتي
أحتاج إلى هداية ربي
أشعر وكأنني .................
إنه خط فاصل في حياتي
فيبجب وأن أشحن قواااااي....
لأتخطاااااااه

إزالة ........





ممسكة بصورتي الضاحكة الباسمة ...كعادتي
أنظر لها


هناك شيء مختلف
براءة الأطفال في نظرة عيناي ونظرة التفاؤل
قد غطتها الأتربة
فلم أعد أراها
تثور ثائرتي ....
وأبحث هنا وهناك عن سبب هذه الأتربة ومن فعل ذلك ومن المسئول
...............
وأعود مرة أخرى وأنظر لصورتي بحزن على ما أصابها

فأرى في نظرتها هذه المرة العتااب
.............

فقد نسيت شيئاً هاماً

نسيت وأن هذه الأتربة تحتاج إزالة أولاً
......................

الثلاثاء، 17 مارس 2009

أمطار حبي الدافئة

أمطار حبي الدافئة





تبدو السماء رائعة بحلّة الشتاء... أذكر فيها جيداً تلك السنوات التي مرت وكم من شتاء جاء وولى وعاد وذهب... في كل مرة دون أن يهمس لي بسر أخفيه أو وعد أنتظره ....

كل شتاء يمر بي ... هو مشهد من فيلم أراه عبر هذه الشاشة ألا وهي زجاج نافذتي...


البرودة شديدة ..


تخرج أنفاسي ساخنة .. فيتكثف بخار الماء على الزجاج ... ويمنعني من متابعة هذا المشهد من الفيلم الموسمي....


بل إنه يعكس لي مشهد آخر من داخل كواليس بيتنا المتواضع...



فتجلس الأسرة ومن هم متواجدون من العائلة ... يحتمون من الأمطار ... فهم يخافونها ... وقد ترعرعت أنا الأخرى أخافها .... دون أن أحتك بها يوماً ... فأكتفي بالمشاهدة فقط ...


يجلسون حول المدفأة ... تفوح رائحة القهوة ذات البن المحوج ... يحفهم حفيف ضوء هادئ.... وهم ذاتهم يحفون النار ... تقشع حدوتة أحدهم ... والكل يسمع مشرئبة أعناقهم ... إلى أن تنتهي الحدوتة ...

يجلسون يحتضنون الدخان .. يبتلعون الدخان ... ولكنه ما إن يصاب أحدهم بتخمة الدخان حتى ينفثه حدوتة أخرى ......



وهكذا يبقى الجميع ينفثون على صفحة دخان .... حتى يخيل إليك أن الحدوتة قد لا تنتهي أبداً ... وهم سعداء بذلك طالما هم في بعد عن برودة الأمطار التي يخشونها ...



أما أنا.......


فقد تشبعت كل ذرة بجسدي بذلك الدخان وتشتاق رئتي كي تستنشق هواء الشتاء البارد وأشتاق أيضاً لرائحة الأمطار ....


أزيل بيدي ذلك البخار المتكثف على الزجاج لأرى السماء مرة أخرى وهي ترمي ما في جعبتها من لآليئ ....


أرى السائرون تحت الأمطار ... وأتذكر .....



فها هي ذكرى من الشتاء الماضية قد تسللت من أرشيفي إلى عقلي الواعي في غفلة مني كي أتذكره .....


أتذكره جيداً............



فقد كنت جالسة أمام نافذتي أحدق بالمارة وبملابسهم المبتلة من المطر......


وهو ...


قد مر من هنا .......



نظر لعيني .....



لا أعلم من أين جاء ولا إلى أين أختفى ......


لكني أتذكره .....



أتذكر تلك العبرة القاتلة في عينيه.......



تلك صرخة الشوق المتجمدة في حلقه .........


يفوح منه صمت العاشق المغلوب......



ماداً إلي يديه المبتلين المرتعشتين......



فجأة......


ينفتح زجاج النافذة إثر موجة من سقيع الشتاء .... فيملأ هواء الشتاء رئتي ... برائحته المنعشة.... فأصبحت تفوح بآرجاء جسدي.... تعيد إلى نفسي رسائل عينيه عبر المطر .... فأسأل نفسي لما يكون الحب جميلاً في الشتاء ... ولما تعود إلينا الذكريات حين مشاهدتنا للأمطار ؟؟؟ فتبدو أجمل من سابقتها...؟؟



وأنا على هذه الحال ... تجري أمي هلعاً .. وتغلق النافذة كي تحميني الأمطار ....



فأصحوا من حلمي ... لدخانهم من جديد.......



فأستسلم ... وأكتفي بالنظر عبر شاشتي ... فيكفيني أنني أرى وأشاهد على الأقل....




فأرى عواصف رعدية من المشاعر الهائلة الجياشة التي لا تهدأ .. وأمطار شديدة من الأشواق .... وثلوج الحب المتدفقة تتساقط بإزدياد ...وأكثر من ذلك تخفيه عني شاشتي ....



أرى المارة .. بعين أخرى .. أعني بإحساس مختلف .... فلكم رأيت تلك الفتاة السائرة وحيدة هائمة في أفكارها ... لكني أبداً ما لمحت تلك الدموع التي تسيل على الخدود ... فلم تنجح محاولاتها بالسير في المطر في إخفائها عني تلك المرة ....



وهذه الفتاة وهذا الفتى ... السائرون بعيداً عن بعض .... للمرة الأولى ألاحظ تلك النظرة المتوحدة في عيونهم من الأعماق وأيديهم المرتعشتين .....




أرى كيف تكون هي ليالي العاشقين والمفارقين تحت قطرات المطر....



وهذا الفتى أيضاً ... ذو اليد الممدودة ...



................



إنه هو...........



نفس النظرة القاتلة مرة أخرى .......



أجدني أنتفض إثر مشاهدته من جديد......


هل حان الآوان للتحرر من أسر دخاني الخانق ...؟؟


لكنني أخاف....



أخاف برودة الأمطار التي طالما رددت أمي بأنها مؤذية ... وأخاف على قلبي من أذاها ....




لكنه ما إن يذهب ... سوف لن أجد لي مفر من دخاني إلى الأبد ....... فلا تذهب .....

أو يكون مصيري بتلك الأمطار كمثل من تسير وحدها تعاني البرودة والحزن والعبرات ....


وأظل على هذه الحال من مد وجزر ... يتحكم فيّ قمرين وليس بقمر واحد .... هما حبي وخوفي ... إلى أن تغلبني أمواج أشواقي في فيضان لا سد له ولا مانع .... فأجري وأخرج من سحابة الدخان الكثيف تلك التي تحاوطني ..... وأفتح باب قلبي لتيار مشاعره الفياضة ...



أخرج خارج البيت مهرولة .. أفتح ذراعي لكي أحتمي بحضنه من برودة الأمطار .... ولا أهتم بملابسي المبتلة .... ولا أهتم بثورة أمي حين تبتل ملابسي ... وتعرف أنني تحت الأمطار التي طالما جاهدت للاحتفاظ بي بعيداً عنها ....



فلا أهتم ... وأترك المطر يغسل قلبي كما يغسل أوراق الشجر ... ويحيي فيّ الأمل مثلما يحيي الزرع والزهر......



فقطراته تعزف لي لحن بلا عود أو وتر



عزف منفرد على أجمل وتر .... وتر تطرب لنغماته الروح والقلب المتعب.....




وما إن اقتربت منه .... واحتضنني وروى قلبي الظمآن وأزاح عنه دخانه المتكثف وخوف السنين ... حتى شعرت بالدفء ... فما إن اقتربنا من بعض وجمعنا حطب التقارب ... فقد أشعلته نار المحبة التي لا تنطفئ أبداً ما كان بأي أمطار ...



فأمطري ولا تكفي .. ياأمطار الحب .... فنحن في دفئ ما دمنا معاً...



وما نستزيد منه دفئاً ... ذلك الوشاح ... وشاح الحب المغطى بالفرو والصوف الغير مرئي ...... فهو ما يزيد أمطار قلوبنا دفئاً وطمأنينة وراحة ......



فأمطري كيفما شئتي ....



أمطري ... أمطري



أمطري حباً......



أمطري دفئاً .....



ياأمطار حبي الدافئة.......

الخميس، 1 يناير 2009

وداعاً أيتها البسمة .. ومرحباً أيتها السنة الجديدة !!!






الظلام ... الظلام الدامس ...



مقيد .. مكبل ..



أغمضت عيني وفتحتها مرة أخرى .. أبحث عن أي صورة لما حولي ولما أنا فيه ترد لعيني...



ماذا حدث لي؟ ... أين أنا؟؟



ولماذا تؤلمني كل عضلة من جسدي بهذا الشكل ؟, لا أقوى حتى على التحرك ..



أشم رائحة عجيبة .. إنها مزيج غريب.. من رائحة بارود ودخان ورماد...



لكنني حي ... أعرف هذا وأدركه ...



لكن رأسي ثقيل ولا أستطيع أن أتذكر ماذا حدث؟؟ إن ذهني كالضباب..



لكن ضوءاً غامضاً مكتوماً يتسرب من مكان ما ..



إنني أرقد على الأرض ... ثمة أشياء من حولي تتشح بالظلام ..



أشعر بثق في صدري .. أكاد لا أستطيع التنفس .. أحاول التملص بشئ من الجهد ... أخيراً أتحرر ... يبدوا أنني تحت مستوى الأرض....



هذا الظلام الدامس .. أشعر معه بأن عيني مقيدة ...



لكن هناك ثغرة ما .. وهذا التغرة تسمح بدخول شعاع لا يزيد سمكه على رأس الدبوس...



صحت بصوت عالٍ... ياهووووووه ... أمييييييي .. أبييييي ....



لكن الصدى جعل الصوت مرعباً ... حتى أنني قررت الصمت قليلاً .... وبدأت عيني تغشاها الدموع ....



أنا جائع ... وأشعر بظمأ مروع ... كم لبثت هنا؟؟



وعدت أنظر حولي .. وأجتهد كي أستطيع أن أرى شيئاً على هذا الضوء الخافت ... وهنا



.........هنا بدأت أفهم .......



فقد رأيت أجساد ملقاة من حولي ... قفز قلبي الصغير داخل صدري عندما تعرف عليهم ... فمن يرى ملقون على الأرض أجساد هامدة .. هم أحب الناس إليه ... إنهم عائلتي ...



هرعت أتفحصهم وأنفض جسد أمي .. وأصرخ .. أمي .. جاوبي صرخاتي المتسائلة ماذا حدث .. ولما أنتي مغمضة العينين ثابتة الحراك هكذا ... أمي ... جاوبي صرخاتي المتسائلة ... أمازلت معي أم رحلتي ...؟



وأصرخ ثانية .. علّها تسمعني



ولكن يبدو أن هناك من سمع صوتي وصراخي غير منايا ...



فسمعت جلبة من فوقي ... وأصوات تقترب



أصوات صراخ ... أصوات سيارات إسعاف .. أصوات بكاء ونحيب ...



ولكن ما ميزته من كل ذلك ... صوت رجل ينادي ... هل من أحد هنا؟؟ هل هناك من يسمعني؟؟



فصرخت بما متبقى لي من قوة ...نعم ... هنا ..... نحن هنا .....



فسمعت صوتاً أشبه بالحفر ... وكادت كل عضلة في جسدي تتشنج من الرعب ... ومن عدم إدراك ماذا حدث ... ومن هذا الرجل.... وأين أنا ؟؟؟



وهنا بدأ الضوء يفيض حتى أغمضت عيني من شدته ... فشعرت بيد تنتشلني ... وخرجت للنور...



وجدت رجل يتفحصني يرتدي زي أبيض وعليه هلال أحمر ... أخذ يهدئ من هلعي وأنا بين يديه منكمشاً على نفسي .. عيناي تائهتين غير ثابتتين ... وبعد عدة دقائق سمعت رجل آخر يقول ... لا لا يوجد مزيداً من الأحياء ...



فصرخت بهم .. إنهم هنا .. إنهم بالأسفل .. أمي .. وأبي .. وأخوتي ..



فلم أجد رداً منهم سوى .. " لاحول ولا قوة إلا بالله" وهمّ بالإنصراف ....



فتملصت من يد ذلك الرجل ... وجريت أتشبث بملابس الآخر ...وأمسك بيده وأجذبه ... إنهم بالأسفل .. ألا تصدقني ....



لا تنصرف وتترك عائلتي ... أخي يخاف الظلام ... أتريده يبكي عندما يفتح عيونه....



إنهم فقط نائمون .... فسمعتهم يرددون ... " إنا لله وإنا إليه راجعون ... أرنا فيهم عجائب قدرتك يالله وأنصرنا عليهم ... هيا نبحث في منطقة أخرى "



فتسمرت مكاني ... أحاول أن ألملم شتات أمري ... وصدى كلماتهم يتردد في جميع خلجاتي ..



ففي هذه اللحظة تيقنت أنني لن أرى عائلتي مجدداً ... ومادت بي الأرض ... ودخلت في غيبوبة عميقة ...


كان ذهني كالدخان ... الذي ينقشع شيئاً فشيئاً ...



أخي الصغير يضحك .. يلعب بإحدى لعبه ... أمي تهدهده بدلال ... وتوصيه ألا يبعث الفوضى والإزعاج ... حيث كان أبي يشرح لي واجبات المدرسة... أما أختي ... فكانت مع أمي تضع لمساتها الأخيرة على فستان الزفاف ...



وبين الحين والآخر تهب صارخة أنها قد تذكرت أنها نسيت شيئاً ... فكانت تستعد لحفل زفافها...



البيت كان مرتب .. ومزين .... حيث الليلة هي آخر ليلة في السنة .... وأبي قرر أن نحتفل بها حيث كانت إحدى أوامر أخي الصغير أن يرى ذالك البابا نويل الذي طالما شاهدهه في الكارتون يظهر في مثل هذه الليلة بالهدايا الجميلة ....



صوت أخي يلعب ... أبي يشرح ... وأختي تحدث أمي ....



أصوات عالية .... إنفجارات مدوية ..تقطع سكون وهدوء بيتنا وحينا ...النيران تندلع وكأنها وحش مزمجر يحاول التحرر....



صراخ يصم الآذان ... دخان ... بارود ... دماء كثيرة ساخنة ....



أخي يهرول ويحتمي بحضن أمي التي تصرخ من الرعب .... أختي تصرخ حيث أصابتها إحدى الشظايا في جبينها ... وسالت الدماء غزيرة تلطخ بياض ثوب الزفاف ....



وساد ظلاااام ... ظلام دامس ....




شعرت بحركة بجانبي ... فتحت عيوني ... وجدت نفسي راقداً .. داخل سيارة إسعاف .... وهناك المزيد منها ...


وعندما أفقت وتخليت عن مكاني لشاب كان ينازع الموت ....



نزلت من سيارة الإسعاف .... شعرت أنني كالغريب بأرض غريبة



شعرت بأنني كأوراق الخريف .. التي سقطت من فرعها ووجدت نفسها بين أقدام المارة .. لا حول لها ولا قوة ...



أقف أرى حطام حيّنا السابق العهد ... يشب به اللهيب ... الكل يجري هنا وهناك ... ينتشلون من مازالت تدب فيهم الحياة من تحت الأنقاض .. ويحملونهم عسى أن يسعفوهم .. و سيارات إلاسعاف لا تكف عن الولولة....



أصوات الأنفجارات مازالت تدوي ... الدخان يغشى العيون .. ويكتم الأنفاس ....



وأنا ........



أنا تائه ... لا أعلم ماذا أفعل ... وإلى أين أذهب ... وعلى أي صدر أريح رأسي المتعب .. وإلى من أذهب يمسح دمعي .. ويربت على ظهري أن أطمئن ...؟؟



جمعونا في خيام ... أنا ومن معي من أطفال قد فارقوا عيون عائلاتهم إلى الأبد ....وهناك نساء أيضاً ... فكل من تحطم بيته .. أصبحت الخيام هي مأواه ...



وهناك صوت بكاء رضيع جائع يدمي القلب .. فقد فارقته أمه قبل أن توفي بوعدها بإرضاعه الحولين الكاملين!!


جاء علينا الليل .. وهو أول ليل أشعر فيه بالوحشة والخوف .... أول ليل دون أهلي ...



وبين الحين والآخر نسمع أصوات الإنفجارات تصرخ كصراخ الشيطان بالجحيم ... فنجري نحتمي باللا شيء!!


الرعب يكاد يصرخ في قلوبنا ... الكل يختبئ ... وأنا لا أجد الحضن الذي أرتمي به وأختبئ فيه ...الحضن الذي يضمني فأشعر بالأمان المطلق ... أماه .. أين أنتي ؟؟



أبكي .. لا بل يبكي قلبي ... فأنا أسمع أنينه ... الذي هدأ صوته شيءاً فشيئاً مع زوال أصوات الأنفجارات ....



خرجت من الخيام ... أنظر إلى ماتبقى من ذكريات حيّنا القديم ... فوجدته وقد أحيل إلى مقابر خرساء ... منارة بألسنة النيران ... هنا وهناك ... وعلى الجانب راقدون مغطون بأقمشة بيضاء رثة وقد تلطخت بالدماء...



أنظر إلى ذلك المشهد وأنا شاعر بالعجز التام ... شاعر برائحة الدم والموت ... والغدر ...



وأنا بالخارج هكذا وكنت بعيداً شيئاً ما عن الخيام ... سمعت أصوات إنفجارات أخرى .. فجريت مهرولاً... وقلبي يلهث من سرعة دقاته .... وقبل أن ألحق بالخيام .. قد رأيت السماء وقد توهجت نوراً ...



إنها صواريخ بالفعل .. لكنها صواريخ مضيئة فقط كالتي يطلقونها بالاحتفالات .. ملونة بالأصفر والأحمر ...



إنها صواريخ الأعداء بالفعل ...فلم تختلف كثيراً ... إنها صواريخ إعلان بداية السنة الجديد ... فقد حان منتصف الليل....



تذكرت بيتنا المزين ... وهديتي المخبئة خلف الغلاف اللامع البراق .. التي لم أعلم ما بها .. وأبداً لن أعلم ...


فسوف أحتفظ بصورتها في قلبي مدى العمر....



وعندما شعروا من في الخيام بالأمان نسبياً ... خرجوا الواحد بعد الآخر يشاهدون ما في السماء .... الأطفال كلهم واقفون ورؤوسهم ملقاة للخلف وعينهم صوب السماء ... خائفون ... يرتعشون كالورقة في مهب الريح ...



لا يصدقون أنها صواريخ إحتفال ... وأي إحتفال ... وبم الإحتفال ...



بالسنة الجديدة ... سنة أول فجر بها ياويلي منه .. وياليتني لا أعيش بعده ...



ولكن أبداً لن يروا دمعنا يسيل ... سيروا معنى الصبر في أجسادنا النحيلة الضعيفة .. ومعنى الإيمان في قلوبنا الصغيرة ...



وحانت مني نظرة على الوجوه حولي ... والعيون ذات النظرات الحائرة بين توهج السماء بالنور وتوهج الحطام بالنيران ... فلم أجد ما ألفته من بسمة على وجوه الأطفال ...



فأين أنتي أيتها البسمة ...



ماذا حدث لكي ياأرضي ... أين ضاعت إبتسامتك؟؟



فوداعاً لكي أيتها البسمة ... فقد صرتِ غريباً في هذه الأرض



وداعاً أيتها الغريبة ....



كانت إقامتك قصيرة ... لكنها كانت رائعة ..



عسى أن تجدي جنتك التي فتشتِ عنها كثيراً ...



وداعاً أيتها البسمة ...



كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل ..



قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس ...



وداعاً أيتها البسمة ..



....... لكن كل شيء ينتهي.........






وعلى الجانب خليط عجيب .. يعلو صوتهم مع بعض ... ولكنه لا يتفارق ...


خليط من أغنية إحتفال رأس السنة



We wish you merry crismss and happy new year …


we wish you merry crismss and happy new year….




ومن قصيدة ( باب تقرعه الرياح )




أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار



لا باب فيه لكي أدق و لا نوافذ في الجدار



كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون



من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار



كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون



يتراكضنون على الطريق و يفزعون فيرجعون



و يسائلون الليل عنك و هم لعودك في انتظار




We wish you merry crismss and happy new year …


we wish you merry crismss and happy new year..…




فحقاً ... وداعاً أيتها البسمة .... ومرحباً أيتها السنة الجديدة !!!





Fairuz...

Qur2aan